الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية الراي الحر: سأصوّت للباجي لكنّي لن أمنحه «بطاقة بيضاء»!

نشر في  10 ديسمبر 2014  (09:43)

بقلم: محمد المنصف بن مراد


سأصوّت لفائدة الباجي قايد السبسي لأنّه رجل دولة سيتنافس مع رجل فتح أبواب قصر قرطاج لميليشيات «حماية» الثورة ورموز التشدّد، ونسخ السياسة القطرية المدمّرة! لا مقارنة بين مترشّح وسطي ومترشّح متطرّف حاز على المرتبة الثانية في الانتخابات الرئاسيّة بفضل النهضة وميليشيات حماية الثورة، ومقابل تعاطفه مع «شعب» النهضة فانّه ينعت منافسيه «بالطاغوت»! لولا النهضة لما كان حظّه أقلّ من المرتبه الرّابعة أو الخامسة ولحصل على واحد فاصل من الأصوات! فذاك حجمه الحقيقي!
سأصوّت لفائدة قايد السبسي نظرا الى ثراء خبرته السياسيّة ودفاعه عن وسطية الشعب التونسي وتكوينه السياسي والقانوني وقناعاته الديمقراطية،  وإنّي لأدعو أصدقائي في الجبهة الشعبية إلى أن يصوّتوا لفائدته لأنّ تونس مهدّدة بانتخاب رئيس منحاز للمتطرّفين لا يتحكّم في أعصابه وهو يدعو الى المشانق السياسيّة والتفرقة.. انّ مصلحة تونس فوق مصلحة اليسار والايديولوجيا في الوقت الرّاهن فلا تخطئوا في تحاليلكم، مع التذكير بأنّ مطالبتكم بإرساء عدالة جبائيّة وتنموية جديرة بكلّ الرعاية.. فلا مجال للتردّد بين «مدنية» قايد السبسي و«ديماغوجيا» المرزوقي والاّ غرقت تونس في الفوضى والاضطرابات!

وإذا نجح الباجي قايد السبسي بعد ان فاز نداء تونس بالتشريعيّة، فهناك اقتراحات يجب ان يصغي لها هو وحزبه ويجسّمها خلال خمس سنوات بما أنّ ذلك غير ممكن في أشهر طالما أنّه لا يمتلك عصا سحرية.
على صعيد رئاسة الجمهورية من الأفضل تقليص راتب الرئيس الى عشرة آلاف دينار وإدماج الحرس الرئاسي في مكافحة الارهاب وتحويل قصر قرطاج الى متحف يفتح أبوابه للزوّار كل الأيّام ليغلقها بمناسبة الزيارات الرسميّة فقط وتقليص ميزانية الجمهورية بصفة ملحوظة..
أمّا على الصّعيد الحكومي والرئاسي فمن الواجب تحييد وزارتي الدّاخلية والدّفاع واقصاء كل المتشدّدين منهما وممن تعاطفوا أو تساهلوا مع الإرهابيين..
ثانيا، المطلوب من السلطة التنفيذية شنّ حرب شاملة واستباقية على الارهاب والتهريب مع التثبت من وطنية كل القيادات التي ستتخذ القرارات اضافة الى الاهتمام «بالمخاطر الليبية» والتنسيق مع الجزائر ومصر..
أمّا على الصّعيدين الجبائي والاقتصادي فلا يمكن تمويل الميزانية من الضرائب التي يعاني منها الأجراء (80 ٪ من المداخيل المباشرة) في حين انّ  المهرّبين والمهن الحرّة لا يساهمون في المجهود الوطني بما فيه الكفاية وقد وقع تقييم هذا التهريب بـ10.000  مليار سنويا مع التذكير بأنّ تحسيس المتهرّبين وأصحاب المهن الحرّة واقناعهم في مرحلة أولى ثمّ تطبيق القانون بصرامة في مرحلة ثانية، هو أحسن وسيلة لتحقيق العدالة الاجتماعيّة وتقليص الديون.. ثمّ هناك قوانين عديدة يجب مراجعتها للحدّ من نفوذ الإدارة ودفع الاستثمارات.

وفي ما يخصّ الجهات فانّه من الأنجع انعاش مجالس التنمية ومنحها صلاحيات جديدة لإعداد مخطّط للتنمية وتحديد الأولويات دون تدخّل من السلطة المركزية وتقديم ميزانية حكوميّة يقع الاتفاق عليها وتخصيص 30 ٪ من المداخيل المنجمية أو النفطية لفائدة الولايات المنتجة.. فكلّ المشاريع التنموية والتشغيلية والثقافية والصحّية يحدّدها مجلس الولاية دون سواه، إذ انّ الولايات المحرومة من النمو بحاجة الى مخطّط «مارشال» Marshall حتّى تلتحق بالولايات الأخرى..
أما المشكل الذي أرهق الأغلبية الساحقة من التونسيين فهو التهاب الأسعار،  وعلى الحكومة ان تشنّ حملات جدّية على المحتكرين وأن يزور مراقبوها الاقتصاديون المخازن وأن يتمّ اقناع الوسطاء واصحاب المساحات الكبرى بان التخفيض في الأسعار هو من أولويات الحكومة، فحتى الطبقات الوسطى باتت قلقة من ارتفاع الأسعار، وهو ما يحتّم اتخاذ اجراءات عديدة وصارمة لأنّه لا يمكن مواصلة تجويع ضعاف الحال!
وبالنسبة الى وزارتي العدل والشؤون الدينية فيجب تحييدهما تماما حتى يشعر المواطن بالطمأنينة والسّكينة والعدل وينتهي المسلسل الدموي الذي كتبه بعض الأيمّة، كما ينتهي التسامح الغريب مع الارهابيين من قبل أقلية من القضاة..
ثمّ انّ هناك مشاكل كبرى تتعلق بوزارة الصحّة التي يجب دعمها وبوزارة التربية التي لابدّ لها أن تغيّر عددا من برامجها، كما يتعيّن تشديد المراقبة على رياض الأطفال التي يغرس بعضها الحقد والجهل في نفوس ناشئتنا وهو أمر موكول لوزارة المرأة،  كما يتحتّم تنظيم قطاع الإعلام والحدّ من الاضرابات العشوائيّة والمطلبية المشطة.
كلّ هذا يتطلب عزيمة فولاذية ورؤية استشرافية وبرامج واحلاما وأمّا إنجازه فيحتاج إلى سنوات..

انّ تصويتي لفائدة السيد الباجي قايد السبسي أو لفائدة نداء تونس يمنحني حقّ نقده بجدّية ونقد الحكومة وذلك كلّما أخطأت في بعض اختياراتها أو ممارساتها، فحذاري من منح «بطاقة بيضاء» Carte blanche وحذار من عدم الاستماع للانتقادات والاقتراحات لأنّ أكبر خطر على السيد الباجي هو ألاّ يبلّغه الطاقم المحيط به شواغل العباد ويعتبر النقد عداء كما انّ أكبر خطر على الحكومة هو عدم استخدام الآليات الضرورية والكفيلة بإنعاش الاقتصاد ومحاربة الارهاب والتحكّم في التهاب الأسعار! فحذار!